يحذر الباحثون من ظهور آفة جديدة ابتليت بها البحار الا وهي دوامة من المواد البلاستيكية المستهلكة المتناثرة على مساحات واسعة من المحيط الاطلسي.
وقد وثقت هذه النفايات العائمة - التي يصعب رؤيتها من مستوى سطح الماء وتدور ثم تغزل مع بعضها البعض بفعل التيارات الدوامة - من قبل مجموعتين من العلماء, الذين تصيدوا في المياه الممتدة بين منطقة برمودا, ذات المناظر الخلابة, وجزر الازور البرتغالية في وسط الاطلسي.
وتصف الدراسات كميات ضخمة من الجسيمات الدقيقة المشابهة لما كان يطلق عليها رقعة نفايات المحيط الهادئ الضخمة, وهي ظاهرة تم اكتشافها منذ عقد مضى, بين جزر هاواي وكاليفورنيا, وأشار الباحثون إلى احتمال ظهورها في مناطق اخرى من العالم.
تقول انا كمنز, التي جمعت عيّنات بلاستيكية خلال رحلة بحرية اجرتها شباط الماضي, ها نحن قد اكتشفنا رقعة نفايات المحيط الاطلسي الضخمة.
تلحق تلك المخلفات الضرر بالاسماك والثدييات البحرية, وفي النهاية قد يصل ضررها إلى الإنسان الذي يقف في قمة السلسلة الغذائية, رغم أن كميات كبيرة منها قد تفتت واستحال الى قطع صغيرة جدا بحيث لم تعد مرئية.
وبما انه لا توجد طريقة واقعية لتنظيف المحيطات, يقول المدافعون أن مفتاح الحل يكمن في ابعاد اكبر كمية ممكنة من البلاستيك عن المحيطات من خلال رفع مستوى الوعي, وحيثما أمكن من خلال التصدي لثقافة التخلص من المواد التي تنتفي الحاجة إليها بعد الاستعمال, والتي تتكون من مواد غير قابلة للتحلل الاحيائي.
تقول كمنز من واجبنا الان جعل الناس يتفهمون بان تلوّث المحيطات بسبب البلاستيك يمثل مشكلة عالمية - وهي للاسف لا تقتصر على رقعة محددة.
وفي دراسة اخرى منفصلة قام بها طلاب جامعيون في مراحل مختلفة من الدراسة الجامعية, بالتعاون مع جمعية مختصة بالتعليم البحري تتخذ من ولاية ماساشوسيتس مقرا لها, تم جمع اكثر من 6000 عيّنة من خلال رحلات اجريت بين كندا والبحر الكاريبي على مدى عقدين من الزمن.
وقالت كارا لافيندر لو, وهي كبيرة فريق المحققين, أنهم وجدوا تركيزات بنسب مرتفعة من مادة البلاستيك في المنطقة المحصورة بين درجات العرض 22 الى 38 شمالا, وهي رقعة بعيدة عن الشاطئ تكافئ المنطقة المحصورة بين كوبا وواشنطن. حيث انجرفت ذيول طويلة متشابكة من الطحالب البحرية التي علقت بها كميات كبيرة من القناني والصناديق واشياء عائمة اخرى إلى المياه الراكدة في المنطقة المعروفة بنقطة التجمع دون الإستوائية عند شمال الأطلسي. بل أن فريق كمنز التقط بشباكه سمكة من نوع سمك القادوح عثر عليها حية وقد علقت داخل دلو بلاستيكي.
ولكن اغلب النفايات المؤذية صغيرة, حتى لا تكاد ترى تقريبا. فهناك عدد غير محدود من قطع البلاستيك الصغيرة, التي عادة ما تكون اصغر من ممحاة قلم الرصاص, تطفو على شكل عالق بالقرب من سطح المحيط الاطلسي.
تقول كمنز: إنه لأمر مثير للصدمة أن ترى الأمر بنفسك مباشرة في موقعه, فلا شيء يمكن أن يقارن بالحضور في الموقع والإطلاع مباشرة, عندئذ ترى بأن الإنسان قد تمكن حقا من ترك بصمته في كل مكان.
ولكن رغم هذا تبقى الحاجة قائمة الى مزيد من المعلومات لتقييم ابعاد رقعة شمال الاطلسي.
يقول شارلس مور, الذي نسب اليه فضل اكتشاف رقعة نفايات المحيط الهادئ عام ,1997 بأن المحيط الاطلسي يحوي بلا شك كميات موازية من البلاستيك. فالساحل الشرقي من الولايات المتحدة تسكنه اعداد اكبر من الناس, وفيه انهار اكثر تصب نفاياتها في البحر. ولكن بسبب كون المحيط الاطلسي أشد عواصفاً, فمن المرجح أن يجعل ذلك المخلفات اكثر تشتتاً, على حد قول مور.
ومهما كان الفارق بين المنطقتين فان البلاستيك يدمر البيئة في كافة انحاء العالم, كما يقول مور الذي كانت مؤسسته للابحاث البحرية, المتخذة من لونغ بيتش في كاليفورنيا مقرا لها, من ضمن الراعين لجهود كمنز واريكسن.
يضيف مور: من المحتمل ان بصمة البلاستيك التي تسبب بها الانسان أشد خطورة من بصمة انبعاثات الكاربون التي أوجدها.
فقطع البلاستيك يمكن أن تعلق بها الطيور فلا تستطيع تخليص أنفسها, كما تم اكتشافها في امعاء الاسماك.
وتذكر دراسة بحثية اجرتها الادارة الوطنية الاميركية للمحيطات والاجواء بان ما قد يصل عدده إلى 100 الف من الثدييات البحرية قد يهلك سنويا لاسباب ذات صلة بالنفايات المطروحة في البحر.
نثار البلاستيك الدقيق الحجم, الذي قد يستحيل على الأسماك تمييزه عن العوالق الأخرى الطافية في المياه, يمكن أن يكون خطيراً من ناحية ثانية بسبب قدرته على امتصاص المواد الكيمياوية الضارة التي تدور في المحيط هي الأخرى, على نحو ما تفعل الإسفنجة, كما تقول جاكلين شافيز, وهي عالمة بحرية في مجموعة اوشينيا الساعية لحماية المحيطات ومقرها في واشنطن.
وطبقاً لتقارير البرنامج البيئي التابع للامم المتحدة فإن نسبة حوالي 80 بالمئة من المخلفات الموجودة في البحار مصدرها البر. وتشعر الحكومة الاميركية بالقلق من ان يلحق التلوّث الحاصل أضراراً بمصالحها الحيوية